أحمد نور الدين يكتب : الاستظلال بالذكر وجوامع الخير
ذكر الله عز وجل من أعظم القربات له، وأجل ما يسابق ويتنافس عليه فى كل وقت وحين، يقول ربنا تبارك وتعالى آمرنا بذكره: “يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرة وأصيلًا” ويقول: “واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون”، وذكر الله على كل هيئة وحال، يقول تعالي: “الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم”، والمغفرة والأجر العظيم جزاء الذاكرين عند ربهم، يقول ربنا: “والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا”، ويقول نبينا القدوة خير الذاكرين: “سبق المفردون قالوا: يا رسول الله، ومن المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات”، وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها فى درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا سرول الله. قال: ذكر الله”، ورمضان موسم الخيرات، وسوق التنافس فى القربات، ومن ذلك ذكر الله.
فاحرص أخى الحبيب على الاستظلال بالذكر فى شأنك كله، لا فى رمضان فقط، حتى نكون فى معيته سبحانه، ونحصد بركته وفوائده دومًا، ومنها جلب الرزق، وإحياء القلب، وإوراث محبة الله للعبد، ومحبة العبد لله، ومراقبته، والأمن من الحسرة يوم القيامة والتحصين من النفاق ونسيان الله، وهو رأس الشكر، فما شكر الله من لم يذكره، وأن أكرم الخلق على الله من لايزال لسانه رطبًا من ذكر الله. يقول ابن تيمية رحمه الله: الناس فى الذكر على أربع طبقات إحداها: الذكر بالقلب، واللسان، وهو المأمور به، الثاني: الذكر بالقلب فقط، فإن كان مع عجز اللسان فحسن، وإن كان مع قدرته فترك للأفضل، الثالث: الذكر باللسان فقط، وهو كون اللسان رطبًا بذكر الله. ويقول الله تعالى فى الحديث القدسي: “أنا مع عبدى ما ذكرني، وتحركت بى شفتاه الرابع: عدم الأمرين، وهو حال الأخسرين).
و من جوامع الخير التي أرشدنا عنها حبيبنا (صلي الله عليه وسلم التي نسترشد بها في حياتنا الدنيا، وبها نحصد ثمرتها يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، قوله عندما سأله معاذ بن جبل قال قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير علي من يسره الله تعالي عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك علي أبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا: «تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون» ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه، قلت بلي يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعمود الصلاة وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلي يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار علي وجوههم ـ أو قال: علي مناخرهم ـ إلا حصائد ألسنتهم» رواه الترمذي.
وعن ابي العباس سهل بن سعد الساعدي قال: جاء رجل إلي النبي (صلي الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله دلني علي عمل إذا عملته أحبني الناس، فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس» ابن ماجة.
إنها وصايا جامعة توزن بميزان الذهب وتكتب بمداده لأمته (صلي الله عليه وسلم)، في أن تكون عبادتنا مستمرة لله طوال العام، لا في الشهر الفضيل الذي نستظل بظله الآن، ومن أدرانا سندركه العام القادم أم نكون مما احتواه الثري. فاللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات وأعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك., ونسألك الصدق في القول والعمل وتقبل الله منا جميعا. وكل عام وأنتم بخير.